مالم أكن أعرفهُ عن شريكي...

بدايةً هذهِ ليست ثِمارَ تجربة، بقدرِ ما هي قراءات واستماعٍ لمتخصصين ومِن ثم فهي اجتهادات شخصيّة أُطلق عليها تأملات.

منذ البداية يجب أن أُدرك كما تدركون أن الإنسان على صنفين، واحدٌ يبحث عن الشريك الذي يتشابه معهُ، والآخر عن الذي يختلف معه، وكل ذلك مقبولٌ ماعدا أن تتباعد اهتمامات الشريكين، فتقارُب الاهتماماتِ هو الذي يخلق المساحة المشتركة لتبادلِ الأفكارِ والأراءِ والخبرات، بل وهي بذاتها التي تصنع حوار الزوجين. وعلى ذلك فإن أولى خطوات البحث عن الشريك -سواءً تشابه معنا أم إختلف- هي إيجاد اهتماماتٍ مشتركة تخلق أرضًا خصبةً للحديث المشترك. وأما اختيار التشابهِ أو الاختلاف لقياسٌ شخصي ورغبةٌ خاصة يعرفها الإنسان بحدةِ طباعهِ، فالقادر على التأقلم وطويل الأناة أقدر على الإرتباط بشريكٍ مختلفٍ عنه مقارنةً بغيره... وهكذا.

بل والنقطةُ الأهمُّ حين العزم على الشراكةِ هي تلك الرغبة الدفينة، وحالةْ القبول للطرفِ الآخر، بمعنى أن يكون الفردُ منا -ذكرٌ كان أم أنثى- لديه استعدادات القبول، ورغبةٌ من داخلهِ في التعرفِ على الآخرِ وعلى خصائصهِ وسماتهِ وترك مساحة وحريّة له، مع تعلّم أساسيات التعامل مع الجنس الآخر. وكم من معلومةٍ لو عرفناها لأحدثت اختلافًا عظيمًا في حياتنا، وإن هذا العلم لبحرٌ يستقي منه الإنسان لاقدر حاجته، بل قدر ما أستطاع حتى يعي تقلبات الشريك وتحولاتهِ ويكون قادرًا على موائمة كل مراحلهِ أيًا كانت.

إن العلاقات الحميمية تحديدًا تحتاج العقل كثيرًا على العاطفة، فكل عاطفة تحتاج العقل حتى تتزن وتُضبط، وكثيرًا مايكون الفرد منا مندفعًا تجاه شريكهِ ومتحمسًا له، في الحقيقة إن هذا الحماس عادةً مايكون لدى الإناث بشكلٍ أكبر، فالرجال غالبًا مايصيبهم رهاب الإرتباطِ بشكل أو بآخر ولذات الحكمةِ سنّ الإسلام المهر أو الصِداق كدلالة على جديّة الرجلِ وعزمهِ ورغبتهِ في تمام الإرتباط.

وبناءً على كل ذلك فيجب على الأنثى أن تعلم أولًا كيف توازن بين مرحلة العزوبية ومرحلة الإرتباط، فالإنسان لايصبح بين عشيةٍ وضحاها مرتبطًا وإنما بالتمرّن، ففترة الخطوبة هي أحوج مايكون الإنسان فيها متذبذبًا بين القرب والبعد، وعليها ألا تضغط عليه قدر المستطاعِ فهو غير معتادٍ بعد، وإنما تجعل الأمر كالأرجوحةِ حينًا وحين، وإني لأوجه حديثي لها لأنها أسرع في التعلّق وأبطأ في الشبع...
فبالتالي ستكون المراحل على هذا النحو: العزوبية - التأرجح - والإرتباط، وحقٌ علينا إعطاء هذه المرحلة حقها، حتى لا نُصاب نحن، ويصابوا هم بها بعد الإرتباط الكامل، بل وحتى بعد الإرتباط الكامل مايزال يرغب كلٌ منا بمساحة خاصةٍ بهِ، وعادةً ماتسمى (كهف الرجل) و(بئر المرأة).

(١/٢) يُتبع...
خَدِيْجَه سِنْدِي.