جنون الساعة

اِقرأني حين أكتب فقط، لا أريد مديحاً ولا إطراء، أريدك بأن تُصغي لحروفي حين تقرؤها بقلبك وتستجمع حواسكَ لتشعرَ بكلِ كلمةٍ أنطقها على السطر، ليستطيع عقلكَ عزفَ خيالي الذي أريد أن أُصِلهُ إليك.

هل تحب أن تقرأ لي؟ لا أعرف، لذا دعني أتحدث.
أتعرف الفكرة المجنونة التي تُخاطرُ عقلك وتدفعك لهوجسِ التحقيق؟
تحقيق الفكرة التي خطرت ببالك فجأة أو صدفة أو حتى بعد تروي وتفكير، 

أتعرف عما أتحدث؟
لا أعتقد كثيراً بأنك تفهم، انظر إلى عيني في السطور ستفهمني.
لم تجد عيني أليس كذلك؟
نعم هذا ما أقصده، ماهو أساساً مستحيل!
أتعلم ليس مستحيلاً ولكنك لم تغص معي في العمق...

إش!!

رجاءً أَصمِت تساؤلاتك قليلاً، اسمعني أنا، فأنت بين سطوري.
توقف عن التساؤل... سأجعلك تفهمني، وتستمتع بجنوني الذي أنقله إليك وأكتفي، أعدك بأنك ستفهم.
اهدأ... ابتسم بجنون الآن! قلت ابتسم فقط.
ابتسم وكأنك تملك العالم وانتصرت في كل المعارك.
ثق بي! ....
الآن هل تثق بي؟ حسناً، سنبدأ...
أوه عفواً أنا من ستبدأ!

أنا، هذه الأنا العالية التي بداخلي والتي تكاد جملي كلها تبدأ بها، وكل أحاديثي تُحِب التطفل عليها... أحبها جداً، وأنت كذلك صدقني.
لكن، لكننا أحياناً لا نستطيع فهمها، ليس أحيانا بل كثيراً، وكثيراً جداً ايضاً، أو ربما نعرفها جيداً لكننا تحت ظروف محيطه تُقيدنا.

تخيل معي، أن تترك مكانك في القاعة، كرسيك في العمل، أو أيًا كان، تستقل وسيلة مواصلات تُخفي هويتك، حافلةً لنفرض، تجوب بك الجوار من غير سابق تخطيط، لا تقلق فأنت لا تملك كثيراً من المال أصلاً.
إنها الحياة كما يجب ليوم واحد.
رنينُ هاتفك المفاجئ، من دون أن تهتم للمتصل تضغط مطولاً على ذلك الزر حتى توافق على إغلاقهِ بالكامل، لبرهةٍ تتذكر احتياجك له وتبتسم بجنون خلف نظارتك الشمسية تعود ملتقطاً إياه على وضع الطيران!

لِمَ تعود وتسأل دائما إلى أين ساخذك معي؟
ألم أطلب منك أن تثق بي وتكف عن التساؤل!
اِمنحني فرصتي عندك، أنت بالكاد تعرفني!
إن لم يطمئن قلبك لا تكمل القرآءةَ رجاءً وقل عني مجنونة لا آبه لك حتى!
وإلا فأكملني بثقة...

غفوتَ عن غير عمدٍ في ذلك القطار، نعم كانت حافلة وتحولت قطاراً -ففي الثواني التي أقنعتك بها تغير كل شيء من حولك دون أن تشعر- لتكتشف نفسك في مدينةٍ لا تعرف اسمها كنت قد حلمت بها في غفوتك.
لا تعرف هويتك، تنزل من القطار عند اِمممم لا يهم كم رقم المحطة، وتنظر بشغف إلى العالم حولك، تبسط يديك للأجواء، تنظر لقدميك ونفسك! الأشخاص يعبرون من خلالك ومن حولك، الأحداث تتغير وأنت ما زلت تحت تأثير دهشتك أيها الغريب!
هه، لا تقلق أنت لست غريباً أنت معي، إني أقودك وأنا بداخلك تحملني أنت الآن في عقلك، تعود لتضع يدك على شعرك وتومىء رأسك قليلاً.
لا تعرفه، أحدهم، لا تهمك هويته ولا جنسه يضع لك زهرةً في جيب قميصك لتبدأ يومك.

أتشعر بي الآن؟
أرأيت، عندما تفسح المجال للغرباء، يأتون، لم تسألني كيف سأتصرف مقابل الزهرة قبلتها فوراً لم ترفضها.
أغمض عينك، حاول التذكر بأن العالم يدور من حولك، ولا يعود إليك.
تغمضها بشدة وتعود لفتحها، وتبتسم إبتسامة القيصر الذي يملك العالم، المنتصر في كل المعارك.

الآن عد للواقع معي، أين أنت الآن؟ في مكانك ما زلت حبيسي تقرأني، لأنك وثقت بي، هل تعتقد أني سأخذلك وأتركك؟
إن تركت نفسك يوماً تتصرف بما يدعونهُ بالجنون وأدعوه بالحياة ستعش، صدقني عندما تستمر بالروتين والفراغ أو حتى الإنشغال ستدفن تحت كومة حياتك، لا يجب أن تفكر في كل شيء، ثق بجنونك لساعةٍ فقط، تحرر، اِنطلق لا تتكبل عناء شيء ما، لا تحمل شيئاً معك، كن جسدك.
بما رويت آلاف الأفكار، تجاهلني وعش حياتك أنت، أخبرتك قصتي لأنني لا أستطيع التحرر من قيودي بقدرك، حققها عني، إدفع نفسك للحياة، للجنون مهما كان اسمها، حياتك كُنها لا تعشها.

* لأني أرى الحياة هكذا، فأخبرني أنت كيف تراها؟

خَدِيْجَه سِنْدِي.