قراءة في كتاب الصحافة تاريخًا وتطورًا وفنًا ومسؤولية لبشير العوف.


أولًا هل هي صَّحافة أم صِّحافة؟ 
الأصح والشائع على وزن تِجارة وصِناعة وزِراعة هي صِّحافة "بالكسر"  -على وزن مثيلاتها من أسماء المِهن-، ولكنَّ جاء في الأهرام دراسة للأ. عبدالعزيز مطر ١٩٤٥م مايميّز بينهما فقال: 

صِّحافة = journalisme 
وهي المهنة بذاتها كما ذُكِرَ أعلاه. 

وأما صَّحافة = presse
وتعني: مجموعة ماينشر في الصحف. 

وإنَّ من أطلق كلمة "صِّحافة" بمعناها المتعارف حديثًا هو: الشيخ نجيب الحداد "منشيء صحيفة لسان العرب في الاسكندريّة"

        وأما معنى المَجَلَّة: في القاموس المحيط
(المَجَلَّةُ، بالفتح: الصَّحيفَةُ فيها الحِكْمَةُ، وكُلُّ كتابٍ.)

وقد استعملت الدولة العثمانية لفظ "مجلّة" على مجموعة القوانين والشرائع المدنية التي جرى تدوينها بين 1869م والعام 1876م. وبسبب هذا ظلَّ اصحاب الصحف في القرن التاسع عشر *١٨٠٠-١٨٩٩م* لا يفرقون بين المجلّة والجريدة!!

ثم يدلي بشير العوف الكاتب الصحفي صاحب جريدتي المنار والمساء السوريّة "أننا بحاجة إلى مدارس نوعيّة تختلف بتخصصها عن كليات الإعلام وتكون مهمة هذه المدارس أن تنشئ كُتّابًا صحفيينَ يكونون في البدء مثقفين وأدباء لغويين ثم يصبحون كتابًا لمقالات الصحف يمتازون بسلامة اللغة وطراوة الأسلوب، وسهولة الاداء وحلاوة البيان" هذا كلّهُ من أجل "المحافظة على لغة القران وبعد هذا تأخذ الصحافة مداها ويأخذ الأدب سبيله فلا يقال قد جنى الأدب على الصحافة ولا يقال قد جنت الصحافة على الأدب"، ذلك بأن "صناعة الكتابة الصحفية أصعب وأشق من صناعة الكتابة الأدبية" إذ أن جمهور الأدبي معرفون بينما الصحفي يكتب للأمة بسائر طبقاتها.

—————————

ومن الجدير بالذكر فيما يخص الصحافة المكتوبة أن طُرقها لم تتغير منذ الأزل، فما زالت الأخبار تقليدية بحتة حتى مع دخولها على مختلف اللغات والعادات، فالخبر في جرائد نابليون هو نفسه الذي يقرأ في جرائد اليوم، وليس هذا فحسب بل إنَّ الموضوعات التي تم تناولها سابقًا باقية في صفحات جرائد عصرنا هذا، وحتى التي اختفت "كأحوال الطقس" تحولت إلى صحافة مرئية أو مسموعة. أما ماتغيّر فعلًا فهو لغة الصياغة أو الأسلوب في كتابة هذه الأخبار، فسابقًا كانت الصياغة أدبية بحتة، تطغى عليها الجمل الإنشائية والكلمات العويصةُ -ربما-، أما الآن فباتت صحافةً سهلة الهضم دارجة المصطلحات، تخاطب العامة بأُسلوبها الصحفي الرشيق المُوصِل لأخبارهِ دون الإنشغال بالوسيلة -أي الكتابة-.

وبعد كل هذا إذا هرعت النفس العربية لإثبات أن الصحافة عربية أو إسلامية ماصح فعلها ذاك لأنها ليست كذلك أبدًا، فلا بأس أن ننسب العلوم لأهلها إنصافًا وإحترامًا ووعيًا وإدراكًا منّا، أما فيما يخص علومنا القيّمة التي نُهبت فإنهم لا يستطيعون تغيير التاريخ والحقائق، وإن إعترافنا بالأصول ما هو إلا رقي تخطى "نهب" العلوم والحضارات والمآثر. 


- خَدِيْجَه سِنْدِي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق