الحبُّ في زمن النُبوَّة: غِيرة بنت الصدِّيق، عائشة.

يتبيّن لي أن عائشة رضي الله عنها كانت أكثر نساء الرسول صلَّ الله عليه وسلم غيرةً عليه! 
فماوردَ في كتاب عشرة النساء للإمام النسائي في باب الغيرة، غيرها! 

  • فكسرت إناء صفية وقبلها أم سلمة من شدة الغيرة.
    عن أم سلمة:
    (أنها أتت بطعام في صحْفةٍ لها إلى النبي صلَّ الله عليه وسلم وأصحابه، فجاءت عائشة مُتَّزِرةً بكساءٍ ومعها فهر -حجر بملء الكفِّ- ففلقت به الصَّحْفة، فجمع النبي صلَّ الله عليه وسلم بين فِلقتي الصَّحْفة، ويقول:
    "كُلُوا غَارت أُمُّكُم" مرتين…)

    وعن عائشة قالت:
    (ما رأيت صانعة طعامٍ مثل صفيّة!! أهدت إلى النبي صلَّ الله عليه وسلم إناءً فيه طعام، فما ملكت نفسي أن كسرته، فسألت النبي صلَّ الله عليه وسلم عن كفَّارته؟ فقال:
    "إناءٌ كإناءٍ، وطعامٌ كطعامِ".)

  • وكانت تدخل يدها في شعر النبي صلَّ الله عليه وسلم لتلتمس فيه رطوبة الإغتسال من جماع زوجاته.
    عن عائشة قالت:
    (إلتمستُ رسول الله صلَّ الله عليه وسلم فأدخلت يدي في شعره، فقال:
    "قد جاءك شيطانك"…)

  • وفقدتهُ ذات ليلة فأول ما حسبته أنه ذهب إلى نسائه من شدة الغيرة، وكان يصلي!
    عن عائشة قالت:
    (إفتقدتُ النبي صلَّ الله عليه وسلم ذات ليلة، فظننتُ أنه ذهب إلى بعض نسائه -فتحسَّست- ثم رجعت فإذا هو راكع أو ساجد، يقول:
    "سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت"
    فقلتُ: بأبي وأمي، إنك لفي شأن، وإني لفي آخر.)

  • وتبعت رسول الله ليلًا من شدة الغيرة.
    قالت عائشةُ:
    (ألا أُحدِّثُكم عن رسولِ اللهِ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ وعني؟
    قلنا: بلى. قالت: لما كانت ليلتي، انقلب فوضع نعلَيه عند رجلَيه، ووضع رداءه، وبسط طرفَ إزارِه على فراشِه، ولم يلبثْ إلا ريثما ظنَّ أني قد رقدتُ، ثم انتعل رُويدًا، وأخذ رداءه رويدًا، فخرج وأجافَه -أغلقه- رويدًا؛ جعلتُ دِرعي في رأسي، واختمرتُ وتقنَّعتُ إزاري وانطلقت في إثرِه، حتى جاء البقيع، فع يدَيه ثلاثَ مراتٍ، وأطال القيام، ثم انحرف وانحرفتُ، فأسرع فأسرعتُ، فهرول فهرولتُ، وأحضَر وأحضرتُ، وسبقتُه فدخلتُ، فليس إلا أن اضطجعتُ فدخل، فقال:
    "ما لك يا عائشُ حَشْيا رابيةٍ؟"
    قلتُ: لا شيء؛ قال:
    "لَتُخبِريني، أو ليُخبرنِّي اللطيفُ الخبيرُ"
    قلتُ: يا رسولَ اللهِ..، فأخبرتُه. قال:
    "أنتِ السوادُ الذي رأيتُ أمامي؟" قلتُ: نعم…
    قالت: فلهَدني لهدة -ضربني- في صدري -أوجعَتْني-، قال:
    "أظَنَنْتِ أن يحيفَ اللهُ عليكِ ورسولُه؟"
    قالت: مهما يكتمِ الناسُ فقد علمْه اللهُ. قال:
    "نعم، فإنَّ جبريلَ أتاني حين رأيتِ، ولم يكن يدخل عليكِ وقد وضعتِ ثيابَك، فناداني وأَخفى منك، وأجبتهُ فأخفيتهُ منك، وظننتُ أن قد رَقدتِ، فكرهتُ أن أُوقظَكِ، وخشيتُ أن تستَوْحِشي، فأمرني أن تأتيَ أهلَ البقيعِ فأستغفرَ لهم")

  • ولا يخفى علينا كيف أصبح العسل مغافيرًا بتخطيطها رضي الله عنها.
    (أنَّ النبيَّ صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم كان يَمْكُثُ عندَ زينبَ بنتِ جحشٍ، فيشربُ عندَهَا عسَلًا، فتَوَاصَيْتُ أنا وحفصةُ أنَّ أيَّتُنَا دخلَ عليهَا النبيُّ صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم فَلْتَقُلْ: إنِّي أجِدُ فيكَ ريحَ مغَافِيرَ - شجر من الحمض حلو المذاق، منكر الرائحة- أكلتَ مغافيرَ؟! فدخَلَ على إحداهُمَا فقالتْ له ذلكَ، فقالَ:
    "لا، بلْ شربْتُ عسَلا عندَ زينبَ بنتِ جحْشٍ، ولنْ أعودَ لهُ"
    فنزلت: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)… إلى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) لعائشةَ وحفصةَ. (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ) لقولِهِ:
    "بلْ شربْتُ عسَلا")

وتقول رضي الله عنها: (ما غرت على امرأة ما غِرت على خديجه، من كثرة ذكر رسول الله -صل الله عليه وسلم- لها)… قالت: (وتزوجني بعدها بثلاث سنين).
وهي الوحيدة -أي خديجه- التي لم يتزوج النبي صل الله عليه وسلم عليها.



إني لأتخيل الحبيب صلَّ الله عليه وسلم وهوَ مبتسم من غيرتها وماصنعت بها، فيزيد تبسمًا حتى يضحك حبيبي رسول الله! 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق