(٣٦٠) يوم من الكتابة ١٤٣٧هـ

 افتتاحية 

نمتلئ بالنعم مع كلِّ شهيقٍ وزفير وفي كُلِّ ثانية وجزئها من أيامِ الله ودهرهِ، ونغوص في الحياةِ أكثر، نتشبّع الدنيويّة نتطبع بالحياة دون أن ندرك الحياة فعلًا...*
نتكبّر، وننسى، نقاوم كي لا نلاحظ، نملك أشياءً هرم غيرنا لينالها، وأخرى حُرم منها آخرون لحكمة لا نفقه مفادها، نتخبّط في بحور الظروف من كنفٍ إلى كنف، من أمرٍ لآخر، سعيٌّ مستمر دون تريّث لإستبصار...*
تنقلب الموازين، أو تعدل، تأتي الأخبار المحزنة أو المفرحة، ضجيجٌ أو سكون، أيدي وأقدام، حواس، سكنات، عبرات، قدرات، تفاصيلٌ أرقى خطب الدنيا لا تستجمعها في رسالة...*
*ولا نشكر!
ففي أي دنيا سنشكر؟
وتحت أي ظرفٍ سنشكر؟
ولفقدان أي نعمةٍ سنتذكر حينها أن نشكر؟

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٥ ربيع الأوّل ١٤٣٧هـِ 

عن اللاشيء! وعن الوجع في ذات اللحظة... 
التبلد الذي يصيبنا كم هو جشع! لا أعرف طريقةً سحريةً للوقايةِ منه!
ترى أيَّ فتيلٍ يصيبهُ هذا الجشع حين نكفُّ عن النبض بالحياة؟
أيجمّد الأحاسيس فجأةً، أم... يتسلل كخطوِ السارق؟
كيف لي أن أحارب عدوًا دون التمعّن به؟ محال!           
***
متعبة، لا أريد أيَّ كفاح!
الإنعزال يلائمني، فأتركوني!
أهوى الظلام، وأحبُّ الشمس ادعاءً!
لايهم إن ظننتم أنني كاذبة، المهم
المهم أنني لا أكذب عليّ!
مهلًا...
هذا ادعاءُ كذبٍ آخر!
ارأيتم؟ لا تفلح أيٌّ من الطرق!
أتركوني...
أكون بخير حين أكون وحدي.

...ذهبتْ للظلامِ وهي تتمتم:
متعبة، أنا متعبةٌ مني!

- خَدِيْجَه سِنْدِي.

 ٢٦ ربيع الأول ١٤٣٧هِـ 

أتعلمين يا أختي...؟
لقد كبرنا دون أن نشعر!
حتى أن الشوكلاه بعد العاشرةِ لم تعد حظرًا!
 وماعدنا نلعبُ سرًا لنسهر!
وتلاشت أحلامنا حول الفارس، عنتر!
حتى تأمل السماءِ لم يعد لنا معبر.
كبرنا... 
وتوقفنا عن مشاركةِ الأسرار لبعضنا، 
وعن النوم بإلتصاقِ المنخرِ بالمنخر!
آهٌ يا أُختي...
لو أننا لم نكبر؟ 
وظللنا صغارًا بذاتِ العطرِ نتعطّر!
لو أننا...
ماكنتُ يومًا لأكتب، لأبكي... أو لأتذمّر! 
لكننا كبرنا...
ولو أننا لم نكبر!

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٧ ربيع الأول ١٤٣٧هِـ 

لا نريد من هذهِ الدنيا شيء سوى أن نعيش في عزلتنا بسلام.
لكن العالم كثيرٌ عليه أن يمنحنا عزلتنا وثقيلٌ عليه أن يتركنا في سلام.
لا بأس سنظلُّ نقاوم حتى نستحق، الأمان والسلام!
وندافعُ عن حقّنا، وعزلتنا وغموضنا حتى يأتينا السلام!
فلربما... يأتي يومٌ يعيشُ فيه أمثالنا في عزلةٍ وسلام.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.

 ١١ رجب ١٤٣٧هِـ 

رغبة الحزن عارمةٌ داخلي
ونَفسي تطبطب على حزني بسؤالها... 
لِما الحزن يازهر الخُزامى والصندلِ؟
وأردُّ بأني روحٌ وهذهِ إحدى جوانبي أن أبكي فهذا مطلبٌ
وأنا دائمًا أُلبّي مطالبي
تعبت البكاء كلما أتت همومٌ من الدنيا، وهروبي الذي...
يشبه هروبًا من خزي!
واللسانُ يعجزُ فجأةً، 
وينسى كيف يشكر
أو يشتكي!
ما أنا بطالبةٍ، سوى...
ألا أبكي ولا أهرب، كلما
كسروا أجنحي.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٥ رجب ١٤٣٧هِـ 

شكرًا لعدم سؤالك، أنا أبدو بخير مظهريًا وأما ماوراء هذا فكنت أودُّ أن أدلو بهِ لك كما أعتدت، لكنّ أعتقد أن هناك الكثير من العطب بيننا ويحتاجُ الأمر إلامًا وتجريح أو تجربة خائبة حتى نصبح مثاليين لبعضنا البعض، أعتذر أنا مريضةٌ جدًا على أن أزيل هذهِ العقد والعطب معك، إن كنتَ تكترث حاول وحيدًا ربما أنضمُ إليك حينما أشفى من عدم إكتراثك الدائم، وحينها أكون أكثر قدرة على اللامبالاة وعدم تمكّن التفاصيل الصغيرة من إحداث ضجةٍ بي أتألم بسببها، هذا ليسَ عتاب أو أيًا من هذا القبيل، أنا أكتب كظالمة ومستبدة، ويسعدني قبولك ممارستي هذه عليك، شكرًا لتحملك أنثى متقلبة مثلي. 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.

 ١٦ رجب ١٤٣٧هِـ 

غضبٌ جامح، ثم حزنٌ عارم يليه برودٌ لنأمل ألا يصبح دائم، حكاية كُل مرّة يتعكّر بها المزاج، أو تتحسس النفس فيها من كلمةٍ أو أخرى، لا أعلم إلى متى لكنّي سئمت كل هذا ولكوني لا أواجه، وإنما أهرب، أنا أتخلّى لأني لا أرى أي سبب للبقاء!

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٠ رجب ١٤٣٧هِـ 

عِدني ألا تذهب دون وداع، وألا تتركني دون سند، وأنك ستكون دومًا دمًا يُحييني بالتجول بين أوردتي وشرايني، عدني ألنْ أكون شهيقًا إن لم تكن زفيري، وألا أكون لكَ شمسًا إن لم تكن قمري المنير، عدني ألا تترك يدي تبحث عنك بجنون لأسدَّ فراغات أصابعي وباطن كفّوفي المتعرّقة، عدني ألا تذهب أبدًا بوداعٍ أو بدون، أنك لن تتركني أواجه الحياة دونك، أن ضعفي سيلجأ إليك دائمًا، أن حزني سيتلاشى لأنك معي، أن صباحاتي لن تبدأ بدون السماء التي في عينيك، أن البحر الذي تنظر لي من خلاله لن يختفي، أن وأن وأنَّ... وأني لن أبكي لأنك ستكون معي... عدني أو لا تعد فقط إبقى... معي... أرجوك... لأنّي كبرت، وبات صعبًا جدًا أن يحبَّ القلب غيرك من جديد.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٢ رجب ١٤٣٧هِـ 

مازال هناك الكثيرُ من الوقت، لكل شيءٍ لم يعجبك أبدًا ويحتاجُ إلى نقدٍ ومَقْت، لكل ما خبأت في صدرك، أو عِلق في حلقك، لكل سببٍ آذاك أو حتى جراء الكبت! هناكَ يا صاحبي بضعٌ وبعض من دواعيك للصمت... 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٣ رجب ١٤٣٧هِـ 

لولا دموعي ماذا كنتُ فعلت بهمي وحزني، كنت سألجأ للإنتحار ألف مرّة ومع كُلِّ كرّة، كنتُ سأجنُّ من فرط التفكير، والساعاتِ الطوال والأيام العديد بلا نوم... لولا دموعي لما غفرت، ولما نسيت، لما خفضتُ جناحي وتوددت، لولاها كيف كنتُ سأعيش؟ 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٥ رجب ١٤٣٧هِـ 

* على لسانِ رجل...
أتساءل... هل ستوقفني؟ أستقول ياحوريتي أعيدي النظر؟ فكري في الأمر ثانيةً؟ تعالي نعاود حكايتنا من جديد؟ ولكن لا تتركيني فيكِ أبًا مع جنيننا بَلاكِ، بلا حضنك الذي يأوينا من الشتات والتخبّطِ والحزن!
ياحلوتي إذا رحلتي... من سيرضع هذا الحب اليتيم بعدكِ، لمن سأكدح حتى أعود لكِ ياموطني وأرى ابتسامتك التي تنسيني هموم أعمالي... إذا تركتني في منتصف حبِّك تمامًا كيف سأنضج لأكونَ ثمرةً نافعة أو من سيرجعني بذرةً ويحرثني من جديد؟
لا ترحلي ياسراجاي، ياقمرًا أسهد عينايَ ليالَ لأجل قلبكِ الصغير... من أنا حتى أصبح وأمسى دونك؟ حتى أجابه الأيام والسنين دونك؟ من أنا حتى أكون أبًا لغير أطفالك؟ لا ترحلي فعمري يغدو حصاةً دون نفعٍ في كفوف أنثى ليست انتِ ولا ابنتك.
لا تتركِ حبالَ الود من بين خطوط كفّك لا تقطعي وريدكِ الذي يغذّيها، خذيني معكِ للسفر والشقاء، لسفن القراصنةِ والبحور السبع لكن لا تتركيني، كوني واحةَ السراب في صحراء الأرض، خيبي أملي، إزدادي سوءًا إن أردتِ، لكن لا، لا تتركيني... 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٧ رجب ١٤٣٧هِـ 

أردتُ الإختباء بين ذراعاكِ وصدرك ولكنك تكرهين الالتصاق، لا تطيقين التعلّق ولا تشتاقين لحرارةِ الأجسام. 
أردت أن يحظى وجهي بكنفِ كفّك، لكنكِ كذلك تسحبين بساط الوصال، لا أعلم ماذا تحبين وكيف تحبين، جربّتُ كل قدراتي ولا زلتِ لا تقتنعين، لا ترضين... 
إضحاكك أمرٌ صعب، إرضاؤكِ أمرٌ شاق، كلماتكِ مشبعة بالسم، ملامحك مجعدة بالأسى، قلبك يكاد يتسع لحب لكن أظن أنهُ أبدًا لم يحب! 
سكناكِ لكنك جوفاء، ترمين، تبيعين سهلٌ لديكِ الإستغناء! 
... لكنكِ لا تشعرين، لا تعلمين كم تكون حرارتي حين أتوجّع، أو غزارة دموعي حين أبكي، تجلدين، تعاتِبين ولا تقبلي أن تعاتَبين، تخطئين ولا تقبلي أن تعتذرين... 
حارت معك طرقي، عجزت مهاراتي، نفذ صبري، وأيضًا لا تهتمين!
قولي لي: كيف تعيشين، بأي روحٍ تتحلين؟

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١ شعبان ١٤٣٧هِـ 

يحفر الصمت في داخلي ثقبًا أسود لا أعلم إلى أي أينَ يرمي، يأخذني في الحزنِ معهُ بعيدًا ثم يقذفني خارجًا بكمٍ هائلٍ من التبلّد، يصيبني بدوارٍ بسيط، يخيط الثقب خلاله، ويعود يؤلمني بفتحهِ قبل أن يطيب في كل مرّة، فمتى الخلاص؟

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٧ شعبان ١٤٣٧هِـ 

كنت احمل في داخلي كثيرًا من الحبِّ له، جازفت بكل مخاوفي ووضعتها تحت قدميه، داسها... قواني، انجب مني نسخةً افضل، جعلني أقع في حبِّه مرارًا، لدرجة أني أسترخصت أكيال دموعي التي ذرفتها قهرًا واشتياقًا وألم، تجاوزت كل المحن فقط لأنه موجود بجانبي، ماكان يكترث حتى بغيرتي التي أخبرتهُ ألف مرّة أني لا أقوى على تحمّلها، أنا انفعالية وغبيّة ولا أستطيع كتمانها، أخبرته ألف مرّة ولم يتعظ، كان يحسبني أبالغ أو أمزح، إلى أن وصلت لحد كرهه لشعوري بالنقص من غيرتي، أكرهك! قلتها له دون اكتراثٍ بأي شيء آخر، شعرت أني انتقمت لكل دموعي ولكل الاوقات التي كتمت غيرتي بها، شعرت بأفضل شعور منذ أحببته، لكنه أسقط السقف على رأسي! هدّني... ابتعد، صار باردًا ولا يريد أيَّ شيءٍ مني، وأنا هنا الآن أكتب كما الغبية وأبكي لأجل ألمي من رجل! خذلني من فجر غيرتي الى قبرها دون اكتراث...

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٨ شعبان ١٤٣٧هِـ 

يؤلمني عدم استطاعتي على رسم ضحكتك واشعارك بالأمان الذي شعرت به مسبقًا معي، يؤلمني انني انسحب لأنني لم أعد قادرة على إسعادك، يؤلمني هذا البعد بعد أشد القرب الذي تظللت به، أنا أتألم في محاولات كبح انفعالاتي وغيرتي وحزني وفرحي عنك، في محاولاتي للابتعاد عنك، للإنسحاب من قلعتي وقصري ومكاني في قلبك الطاهر، يؤلمني مافعلت بك أشد إيلام، أشعر بأني هدمت بنيان الود ولا طاقة لديك لمعاودة بناءه معي ولذلك أنسحب، اتألم لأن دموعي لا تجدي نفعًا سوى زيادة عمق جرحي اتجاهي، أنا أنطفئ... وأذوب كما الشمع من لهيب الألم، أرجوك لا تنظر إلي لا تضعفني لا تجعل ذوباني أسرع، ولا تحاول استجماعي، فأنا لا أستحقك.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٥ شعبان ١٤٣٧هِـ 

سيهدأ شعورك حين لن تهتم، حين تذهب بعيدًا عن المثيرات التي تجعلك غاضبًا وحزينًا، عن الشعور بأنك في خارج القائمة وأن مقامك لم يعد محفوظًا، وخاطرك أصبح تدريجيًا دون معنى، أنت بحاجة للهجرة من هذا الوضع لآخر أكثر ملائمةً بك وبمشاعرك... 
عليك أن تعثر عمّن يستطيع فهم مشاعرك قبل أي شيء آخر وأن يحتضن عقلك تبعًا لذلك، أن تكون بأمانٍ من الألم أولًا، ثم إعطائكَ المساحة والحريّة التي يستحقها فِكرك. 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٥ شعبان ١٤٣٧هِـ 

الكلمات غير مجدية، ولغة الحديث ازدراء أمام الألم والفراغ، أمام الجشع والسلب والإنتهاك، نكتفي بالصمت للإعتقاد بأنه أجدى، وما مجدي إلا الخَرس والعُمي في مجابهة وحشية هذا العالم الذي اصطنعناه. 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٠ رمضان ١٤٣٧هِـ 

تتضاربُ الكلماتُ حين الحزن، والبؤس والفراغ، وتتشكل لتسطّر أبهى لوحات الريشةِ والقلم، واليوم حينما حلّت الأعياد، وأطلقت مدافع الأفراح تبعثرت الحروف، نافقت بعضها لم يتعرفن على بعضهن، السطور تقطّعت، والقلم أضحى ابن السبيل، وكلُّ هذا وأنا التي في يديها أثار الأحبار وعلى أصابعها انحناءاتُ القلم.
ماذا أكتبُ في يومي السعيد وأنا كلُّ ما فيني يطير، وقلبي وحدهُ ينعصر؟ مضغطة النور التي سمّاها ما طاقت الفرح دون الشريك، دون الآخر القادر على طمئنةِ الفؤاد وتهدئةِ النفس، ورسم ضحكةٍ على المبسم وتركِ بريقٍ لامعٍ في العين.
اليوم جلّ مافيني يفرح، وقلبي وحدهُ يبقى بجانبك اليوم وكلّ أيامك وإلى الأبد.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٨ رمضان ١٤٣٧هِـ 

مِن قَبْلُ لم تكونوا تعرفوني... حين كنتُ أصرخ بأعلى صوتي أريد أصدقاء، بقيتُ في العزلةِ الظلماءُ وحيدة، أرسم على يدي نقوشًا حمراءَ زرقاء، أُشعل من أصابعي قناديلًا حتى تنطفئ بدموعِ عيني الخرساء، كنتُ أنادي مرارًا مرارًا حتى بُحَّ صوتي من الصُراخِ والنداء، أردتُ صديق/ـة ولم يمنحني العالم ولا حتى نصفَ صديقةٍ عمياء، خرساء، هبلاء، طرشاء! 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٦ رمضان ١٤٣٧هِـ 

شعورٌ غالب من فيض الإنتهاك يجتاحني حين أرى صورًا عَلّقت عليها، أو أُلتقطت معي، حين يكون هذا لي وغدى ذات يومٍ لغيري، التملّك هذا الطبعُ الساديُّ فيّ، يستفزّني، بودّي لو أضع ختمًا شمعيّ بحقِّ ملكيتي المؤقتة التي يجب ألا تزول، كما أنَّ للمُلّاك حق، فللمتملكين حقوقٌ أيضًا لا تزول بزوال أصحابها…
أيها الفؤاد المبصر، عليك أن تعتاد على نبذ التملّك هذا، فحتى الروح التي تسكنك ليست ملكك انما انتَ لها مؤتمنٌ متملِّك، فلا تحزن... ولا يضيقُ بك النبض فتوجع قفصًا وضلعًا، اكتم ما استطعت، عسى الله أن يُفرغ عليكَ صبرًا.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٨ شوال ١٤٣٧هِـ 

* العمق.
هذهِ الكلمة من ثلاثةِ أحرف، تمامًا هي الحالة التي تقع بها فجأةً، التي تشعرك بسخف وسخط السطح حينها، العمق المليئ بالحياة والنور والإنشغال والإبداع وكل الأمور التي افتقدتها و وددت لو أنك تجد من تصطحبه في العمق معك متشابكي الأصابع أو الأذرعة، شخص ما لا يجعلك تهرب من حالة العمق التي تأتيك، بل يشغلك أثناء الرحلة بحواراتٍ تجعل العمق أعمق، والسطح مجرد كلمة في قاموسك معناها مبتذل ولا يعجبك أبدًا، حيث لا تخشى إن فقدت أي شيءٍ هناك!

*مُضيتْ على مضض…
- خَدِيْجَه سِنْدِي.

 ١١ شوال ١٤٣٧هِـ 

مع التقدمِ بالعمر نحتاج للأمانِ أكثر، يزيدُ هلعنا وتكبرُ مخاوفنا مع توّسع العائلة، والزمان يجعل قلوبنا حساسةً أكثر للمصائب والكوارث، مضغتنا تحزن لقطةٍ لاقت حتفها في الشارع، فكيف بها حين تسمع أخبارًا لا تسرُّ هنا وهناك من بني البشر نفسهم؟ يجلسُ الكبيرُ منّا في مقعدهِ يهزُّ ذاكرتهُ عائدًا لزمنهِ الجميل وصباه المزهر، يتذكَّرُ سمات الشعوبِ من الحجيج، وحبيبتهُ بنتُ الجيران! وأقصى خبرٍ يحزنه وفاةُ عزيز! تغيَّرت الحقبة، وتغيّر الجيل، لم يعد هذا الزمن وأهوالهِ يحترم رقة قلوب الكِبار الذين آسوا من هذهِ الدنيا ما كسى سوادهم بالبياض، وحفر في ذِكراهم المشاق والآلام وحسِبوا أن التقدم في العمر يعني مزيدًا من وقارٍ وأمان! 
وكانت دمعة الصبا قد تخبّأت في الجنبات لتظهَر أخيرًا مع التجاعيد!
تُرى أبسمةٌ ترسم في المشيب كما رُسمت في الشباب؟ 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٤ شوال ١٤٣٧هِـ 

أضلعٌ ترتعش، تحتاجُ غطاءً يكسيها يُجنبها الصقيعَ الغير مكترثٍ بالفقراءِ والمرضى، وحمّى من جهةٍ أخرى تهتك بالجسد، تقاوم البردَ ولا يعنيها إن أثقلت أو طالة إقامتها، إما أنْ تَغلِب أو أن تُغلَب، دفاعيةُ هذا الجسم الهزيل المترعش من بردِ المحيط والمحترق من حرارة القلب الحزين الذي ودّع الحبيب الذي مرضَ أيضًا وأستسلم.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٨ شوال ١٤٣٧هِـ 

إنني أعتذر، لأنّي لا أملك سوى أسفًا من بضع أحرفٍ تكتبها أناملي، على ما أغرقتك به مرارًا وتكرارًا، أعتذر لأن إعتذاراتي بدت الآن جليّة الوضوح بعدم منفعتها وأن قلبك الطهر كان يتغاظى إعتذاراتي التي لم تكن مجدية، ومضغة النور التي تسكنك أَنّت من وجعها أخيرًا ولفظت ماكتمت كي لا تحزنني طويلًا، إنني أعتذروليتني أملك عوضًا عنه لما قصّرت، لأن الأسفَ مابدى يومًا كهذا.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٢٤ شوال ١٤٣٧هِـ 

متى يتسنّى لي السهر على إعداد محتوى محاضرةٍ للغد؟ وتدعيمها براوبط من الحياة، تغريداتٍ وصورٍ، مقالاتٍ وكتبٍ وأفلام؟ وقليلٌ من هذا وكثير من هذاك.
وبين البينين إختباراتٌ تقيس مدى الرغبة والعمق في التخصص، والثقافة العامة بدلًا من التعجيزات؟ 
وجوٌ من الألفة وحفظٌ للأسماء والإمكانات، لا تكاليف لا واجبات، تطبيقٌ وقراءةٌ وعقلٌ مستنير يبحث ويقرأ أكثر يتحدث مع من يهتم. أُنير طُرقًا وأبروز لوحة، أهب قلمًا ليولد كُتّاب، وثقافةً حتى تتغيّر الأمة. 
نقضي ساعتين في مناقشةٍ لفكرة! لايهم المنهج المهم الفكرة، الاقتناع. احترامٌ وإلتزام. 
مادّةٌ رُبما! لكنها مفتاح مواد! شمعة، لكنها فاتحةُ الخير... 
متى متى، تتجلّى الأمنية في وضح النهار حتى الظهيرة أقف بذات قدمين الصباح منتصبة! أسمع أكثر من حديثي! وأُلقي شُحًا من الكلمات...
أيتسنّى لي يومًا أن أكون...
عضو هيئة تدريس بجامعةٍ ما؟ 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١١ ذو القعدة ١٤٣٧هِـ 

اِنظر لعقلي الممتلئ، ته بهِ وأبحث عن خفاياه، محالٌ أن يسود الفراغ العقل، أترى العقل خُلق للفراغ؟. دعكَ مِن عقلي إن كان يبدو عنيدًا أو كتومًا، أو مظلمًا لا تستطيع شموع البنان أن تفي بطموحاتك. خُذ على سبيل المثال قلبي، أحمقٌ حتمًا، لكنه مؤمِن، مُحبّ، قد يبدو موحشًا لقلّة الأصحاب، لكنّ ألا يعقل أن تكون بهِ حديقةٌ سريةٌ مثلًا، وحياةٌ خضراء يانعة؟ تلالٌ تكتسي بالخضرة ونهرُ صدقٍ يتدفّق، خريرُ ماءٍ عذب ومُخلص؟ حسنًا، ماذا عن روحي؟ ألا يُتاح لها مجال؟ رُبما، ورُبما، لكنّها حتمًا! إنها الروح، التي خُلقت لتقاوم، وتحارب وتُجابه أَنفَ وكنفَ الحياة، لتمرض تارةً كالجسد، وتُبصر أخرى كالقلب، وتختار وتميّز كالعقل... لأجل واحدٍ منهم اِنظر.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٦ ذو القعدة ١٤٣٧هِـ 

ينطوي القلب على نبضهِ حزنًا وأسفًا على ما يُبصر، حربٌ هناك، وفسادٌ هنا، النفوس تأسى لثوانٍ وتنسى والحروب تستمر والفساد يزدادُ انتشارَ، والنَفس تجزع في كلا الأحوال وتبقى مفتورة الجهد، مكبّلة اليدين، ملجومة الكَلم، إلى متى وإلى أين؟ كُل الأحداثُ تؤول للنهاية، ومتى تؤول النهايةُ لنفسها لتكون واضحة جليّة، لا تُفسّر بحسب الأهواء ولا تقبل الشك، وليس للريبةِ مكان أنها تلك! مفزعة جل هذه الأمور في تذبذبها بين البينَين، مربكة الحيرة التي تتركها المجريات في النفس في إنتظار ردة فعلٍ ما، والسلام؟ أعتقد أنه آوى الإستسلام، ويبقى القلب منغلقًا منكبًا على حزنهِ ينتظرُ الخلاص، فيا الله متى الخلاص؟ أو متى السلام؟ 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ٣٠ ذو القعدة ١٤٣٧هِـ 

لا تعتزلي الكِتابة لأن الذي أحبَّكِ كاتب، لا تهجريها لأن بإستطاعته قراءة مابين السطور ومعرفة ماخلف الكلمات، تذبلي، وتُترك تربتك حتى تصبح يباسًا فبيداء... 
لا تفعلي، أكتبي كلما أعتصر فؤادك، ومارسي الإلهام كل ليلة قبل الموتةِ الصغرة، لا تتركي مساحةً خالية للموت الحقيقي حتى يلتهمك حيّة وميتة.
عيشي… 
إذا أحببتِ كاتبًا تمتعي بغزله وكلماته وإياكِ إياكِ أن يدفنك، لأنه قارئ! بئسًا للقارئ.

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٢ ذي الحِجّة ١٤٣٧هِـ 

هناك الكثير من الأسئلة المتركة بدون إجابات إلى أن تآكلت بفعل صدى الإستفهامات، وهناك أيضًا الإجابات المحيّرة التي لم تؤول إلى شيء ولم تتصل مع أسئلتها أو نُسيت في انتظار طرح الأسئلة المناسبة على طاولتها، في حين أن خلف كل تلك الأمور تكمن صغائر وتفاصيل تُفصح أحيانًا برغبة وتُفضح أحيانًا بدون. 

- خَدِيْجَه سِنْدِي.


 ١٣ ذي الحِجّة ١٤٣٧هِـ 

الكفوف النديّة تحتاج لأخرى جافة حتى تتزن، هذا الإتزان الذي جَبُلناه حولنا وبدونهِ لا يصح العيش، فالكفّ الندي يحتاج الجاف حتى يكمّله كسُنّة الحياة ولا يمكن لنديٍّ أن يكمل النديّ فتلك كارثة، والكف الجاف يتوجع من جافٍ مثله، بين هذا وهذا اِنظر لكفِّك وكّن بصيرًا بإختيار الكفّ الذي تحتاجه. 

 - خَدِيْجَه سِنْدِي.

*ندي الكف تعني: الشخص الكريم.


 ١٧ ذي الحِجّة ١٤٣٧هِـ 

حين يدرك الإنسان المعاني الحقيقية للكلمات يختلف تعامله معها في الصياغة والتركيب والموضع وغيرها، وإن أهم المشكلات التي قد تضلل الفهم أن يعرف معانٍ مشابهة أو قريبة للكلمة لا المتطابقة أو المعنى الحرفيُّ لها، وهذه مشكلة في الكنايات أيضًا ولكنّي لا أقصدها.
أمّا هذا فنموذجٌ مبسّط لكل الحقائق التي يحتاج ويُتطلب معرفتها عينًا عينًا. 

 - خَدِيْجَه سِنْدِي.

- تمّت -