جاء هذا الإقتباس المركب في رواية "الطائرة الخامسة" التي تسرد بين أوراقها قصة الإعلامي محمد العمر قبل اعتناقه الفكر التنويري المعتدل، والذي وصفها بأنها أوراق ارهابي فاتته رحلة أفغانستان، في وقت خُيل له السيناريو المحتمل فيما لو ذهب من خلالها على متن الطائرة الخامسة التي تورطت الأربعة من قبلها بأحداث الحادي عشر من سبتمبر.
تدور أحداث الرواية المبنية على سيرة محمد العمر الذاتية، والتي تحمل فيها الشخصية الرئيسية الاسم ذاته في منتصف التسعينات الميلادية، الذي شهد فيها المجتمع السعودي عددًا من الأيديولوجيات التي تخدم فئات بعينها سواء على الصعيد السياسي أو لمجرد التخريب وتأليب الرأي العام؛ لأسباب لا تخفى على الكثير منا خصوصا إذا ما اختزلناها فيما سمي بالصحوة الإسلامية.
ما يميز هذه السرة الروائية حرص الكاتب على ذكر التيارات المؤدلجة بحسب ظهورها ومصادرها وأبرز معتنقيها والمتعاطفين معها، وما زاد من اللفت في هذه الميزة هو ذكر أهداف هذه التيارات ومساعيهم، بغض النظر عن كونها بحاجة أكثر لتعميقها؛ حتى يشعر القارئ بفساد منهجهم ويُقر بأطماعهم، الا أن تركيز الكاتب على تصوير تعصب هذه الجماعة وغضبها لشيء في نفسها لا لنصرة دينها كما تُظهر ولا لخلاص الأمة من الإمبريالية كما تدعي يُوصل نهج هذه الجماعات المتطرفة.
ومن اِطلع على فحوى الرواية يتضح له ذكر الكاتب لمنظري التيارات ومعتنقيها بالأسماء وبيان دور كل شخصية على حدى، الا أن الكاتب أخفق في بعض النقاط من أن يكون واضحا بخصوص بعض الشخصيات المعروفة التي يراها البعض اسقاطا عليهم دون تمكنهم من التأكد من صحة ما وُرد، كما أن الكاتب غيب بصورة واضحة عددًا من المؤثرات على الشخصية الرئيسية كالتفكر والبحث في التناقضات والتقصي عن الأحداث المثيرة والمبهمة، بالإضافة إلى دور الأسرة الذي لم يكن حاضرًا إلا لمامًا.
كما أن سير الأحداث في الرواية كان سريعًا في تطورها مما أدى إلى تغيب العاطفة، وعدم سبر أغوار الشخصية الرئيسية خصوصا أن الكاتب اِتبع طريقة الكشف في تصور الشخصية بنوعها النامي، وفي المقابل ركز على الشخصيات الثانوية المتمثلة في معتنقي التيارات المؤثرين على الشخصية الرئيسية، واعتمد على تفصيلها بشكل أكبر، مما يعطي اِنطباعًا بانعدام الشخصية، وهذا لا أختلف عليها كثيرا خصوصا أن ترسبات الصحوة السوداء ما زالت حاضرة بينا، إلا أن الطرح الروائي لابد أن يحتضن بين فصوله كافة المؤثرات والمتغيرات، أم أن اِختيار الطرح هنا بالنيات؟
- بَيَادِر ثَامِر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق