في دولة تحكمها السياسة الحزبية الخانقة، تتوسد أحياؤها صورة لذلك الوجه الضخم محدقاً إلى وجهك وعيناه تتبعانك كُتبت عبارة "الأخ الأكبر يراقبك"، وفي كل منزل يعلو صوت آلة التلكسرين تدلي بأومرها عليك ترصد تحركاتك وتسمع صوتك، هي دولة تتحكم بالبشر تبرمج عقولهم تنفي انسانيتهم ورغباتهم فقال: "ما المعرفة التي نمتلكها عن اي شيء سوى تلك التي في عقولنا"، شعارها الحرب سلام، الحرية عبودية، الجهل قوة.
رواية جورج أورويل "١٩٨٤" تصور السلطة بأبشع صورها فلا وجود للماضي بها الحقائق تتبدل والأمور تتغير بحيب رغباتها فما كان عدواً بالأمس كان حليفاً لها دوماً دون أي اعتراض أو شك.
يتساءل بطل الرواية "وينستن" كيف يمكنه الإنقلاب على الحزب وكيف ينظم للمؤامرة قائلاً: "إلى أن يمتلكوا الوعي لن يثوروا، وإلى أن يثوروا لن يمتلكوا الوعي".
هذه الرواية تعلمك الكثير، صراع بين اعتراض مكتوم وولاء تام بينما السلطة تُحيك العقول وتحرم شعبها من أبسط الحقوق.
تبدو لي النهاية خاذلة وكئيبة، لا أدري إن كانت تعكس واقعية الأحداث لتصبح ذو معنى أكثر أم أنها تفقدك الأمل لسلطة ديموقراطية أفضل.
رغم أنها كُتبت من ٧٠ سنة إلا أنك تتفاجأ من درجة تشابهها لما هو في الواقع وكيف يمكن للحكومات خلق وعي وحالة معرفية زائفة لشعبها مثلما تريد هي.
هذه الرواية رائعة بحق، يكفيك علماً أن جورج أورويل صاحب الفكر النابغ هو من كتبها.
- أنْوَار الشَّاوِي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق