لا أخاف أن أخطئ ولكن أخاف أن أفشل

كيف للمرء أن يخوض تجربة الحياة برمتها دون مخاوف، دون تحديات!
وكيف إذا كان غير محبًا للمواجهات، ودائم الهروب؟
وهل عدم الخوف من الخطأ هو طريق -ملتو- للهرب من الفشل، أم أنه مبارزة غير مباشرة له؟
ماذا يعني أن يمر عداد السنوات، وأنت لا تخطئ في مجالٍ ما، ثم تفشل فشلًا ذريعًا به!
تذكرت للتو حكمة تقول طياتها: من لا يفشل لا ينجح! لم ليس من لا يخطئ لا ينجح؟
ما الخطأ وما الفشل، أكلاهما وجهان لعملاتٍ سلبية؟

إذا كان الخطأ ضد الصواب، فالفشل عدو النجاح. 
وإذا كان الخطأ قابل للتصحيح، فلا أعتقد أن زميله الفشل كذلك وإنما قابل للتكرار!
الفشل لا يُصّوب إلا بالتكرار.
مما يعني أن الأخطاء المتكدسة في صندوق الملفات تعني فشلًا على منظومةِ الأرشفة!
ولو تم تدارك الأخطاء المتتالية حين حدوثها لما أحدثت هذه الغلبةِ كلها!

فبتالي الخطأ هو الذرة، والفشل هو المادة. 
كما أن المواد ذرات تكونها، فالفشل ليس بغريب عليها!

إنك حين تفشل تكون مضطرًا لإعادة بناء ما هُدم لأن الفشل مرادف الهدم هنا. 
أما حينما تخطئ يجب أن تُصلح لا أن تبني! التصحيح جزء من البناء، لا البناء نفسه.

مسيرة النجاح تعني خطواتٍ صحيحة، كيفما كانت السبل. والفشل خطواتٍ خاطئ متتالية أو متباعدة لم يتم ملاحظتها.

سقوطك في هاوية الفشل المفاجئ يعني أنك لم تكن فطنًا لمنحيات ومنحدراتِ الطريق، فبدلًا من قفزك بعد ٣ كيلو مترات على سبيل المثال، تكون إما قفزت مبكرًا جدًا أو متأخرًا جدًا، وهذا يعني الهاوية -الفشل-.
ولو أنك أدركت جيدًا متى؟ وأين؟ وكيف؟ لكنت في قمة النجاح، أو تتابع سيرك له.
كل هذا كان فجأة لأنك أخطأت ولم تدرك مبكرًا، ولو تداركت الخطأ في منتصف الطريق لتحسّن الحالُ كثيرًا عمّا أنت عليه الآن. 

لذلك أخاف أن أفشل ولا أخاف أن أخطئ.
لأنني حينما أخطئ يكون شيئًا يسيرًا، بمقدوري تداركهُ بأقل الخسائر. 
بينما حين أفشل، تكون قواي جميعها قد أستنزفت، ولم أعد أستطيع تجميع أشلائي إلا بدعمٍ ربما، أو بعد حين.

لذا: اخطئ قدر ما تستطيع، لتتعلم، وتصوّب، وتدرك ما الذي وماليس! ولكنّي أقول إنتبه أن تفشل!

——————————

* في مسيرتي الجامعية، فشلت مرة ولم أكن أخطأت قبلها، فكان الوقع قاسيًا صلبًا، وجُرمًا اِرتكبته بحق نفسي، تداركت فيه مابقي مني في آخر رشفة، كساني الندم، تعلمت كثيرًا وتجرعتُ السُّم المركز في آخر الكأس. 
حين نظرت لمسيرة الفشل تلك، استوعبت كمية الأخطاء التي إرتكبتها ولم أكن أملك الجرأة لتصحيحها، فآلت إلى فشلي الذريع ذاك. ها أنا اليوم بعد عام ونصف من تلك المجزرة، أكتب مخاوفي من الفشل، أقف على قدم ونصف، والنصف الآخر لم أستعدهُ بعد من ذاك الذي إلتهمها بُغتة.
تلقيتُ الدرس مضاعفًا، مُرًا، ومركزًا... ولو كنت فطنة لما حصل كل هذا. 
أعدتُ الكرّة، لم أستطع أن أكمل من حيث وقعت، الصفر كان بدايتي هذهِ المرّة، اهتممت بالتفاصيل تجنبتُ الأخطاء، لم أفشل، أنا أنتصرت، عرفت كيف ألا أفشل، عرفت السرَ، عرفت الوصفة السحرية، كيف أن أتعلم وأخطئ دون أن أفشل.



خَدِيْجَه سِنْدِي.